للفلسفة التربوية المتضمنة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، فإن الاختيارات
التربوية الموجهة لمراجعة مناهج التربية والتكوين المغربية، تنطلق من:
§
العلاقة التفاعلية بين المدرسة والمجتمـع،
باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم الاجتماعي وعاملا من عوامل الإنماء البشري المندمج؛
§
وضـوح الأهداف والمرامي
البعيدة من مراجعة مناهج التربية والتكوين، والتي تتجلى أساسا في:
تكوين شخصية مستقلة
ومتوازنة ومتفتحة للمتعلم
المغربي، تقوم على معرفة دينه وذاته، ولغته وتاريخ وطنه
وتطورات مجتمعه؛
المغربي لتمثل واستيعاب إنتاجات الفكر الإنساني في مختلف تمظهراته ومستوياته، ولفهـم تحولات الحضارات
الإنسانية وتطورهـا؛
المغربي للمساهمة في تحقيق نهضة وطنية اقتصادية وعلمية وتقنية تستجيب لحاجات
المجتمع المغربي وتطلعاته.
§ استحضار أهم خلاصات البحث
التربوي الحديث
في مراجعة مناهج التربية
والتكوين باعتماد مقاربة شمولية ومتكاملة تراعي التوازن بين البعد الاجتماعي
الوجداني، والبعد المهاراتي، والبعد المعرفي، وبين البعد التجريبي والتجريدي
كما تراعي العلاقة البيداغوجية التفاعلية وتيسير التنشيط الجماعي؛
§
اعتماد
مبدإ التوازن في التربية والتكوين بين مختلف أنواع المعارف، ومختلف أساليب التعبير
(فكري، فني، جسدي)، وبين مختلف جوانب التكوين (نظري، تطبيقي عملي)؛
§
اعتماد
مبدإ التنسيق والتكامل في اختيار مضامين المناهج التربوية، لتجاوز سلبيات التراكم الكمي
للمعارف ومواد التدريس؛
§
اعتماد
مبدإ التجديد المستمر والملاءمة الدائمة لمناهج التربية والتكوين وفقا لمتطلبات التطور المعرفي
والمجتمعي؛
§
ضرورة
مواكبة التكوين الأساسي
والمستمر
لكافة أطر التربية والتكوين لمتطلبات المراجعة المستمرة للمناهج التربوية؛
§
اعتبار المدرسة مجالا
حقيقيا لترسيخ القيم
الأخلاقية وقيم المواطنـة وحقوق
الإنسان
وممارسة الحياة
الديموقراطية.
هذه الاختيارات، فقد
تم اعتماد التربية على القيم وتنمية وتطوير الكفايات التربوية والتربية على
الاختيار كمدخل بيداغوجي لمراجعة مناهج التربية والتكوين.
وتوجهات في مجال القيـم
في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والمتمثلة فـي:
مع هذه القيم، يخضع نظام التربية والتكوين للحاجات المتجددة للمجتمع المغربي على
المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي من جهة، وللحاجات الشخصية الدينية و الروحية للمتعلمين من جهة أخرى.
من أجل ذلك الغايات التالية:
– ترسيخ الهوية المغربية الحضارية والوعي بتنوع وتفاعل
وتكامل روافدها؛
– التفتح على مكاسب ومنجزات الحضارة الإنسانية المعاصرة؛
– تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛
– تكريس حب المعرفة وطلب العلم والبحث والاكتشاف؛
– المساهمة في تطوير العلوم والتكنولوجيا الجديدة؛
– تنمية الوعي بالواجبـات والحقوق؛
– التربية على المواطنة وممارسة الديموقراطية؛
– التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول الاختلاف؛
– ترسيخ قيم المعاصرة والحداثة؛
– التمكن من التواصل بمختلف أشكاله وأساليبه؛
– التفتح
على التكوين المهني المستمر؛
– تنمية الذوق الجمالي والإنتاج
الفني والتكوين الحرفي في مجالات الفنون والتقنيات؛
– تنميـة القدرة على المشاركة الإيجابية في الشأن المحلي
والوطني.
نظام التربية والتكوين بمختلف الآليات والوسائل للاستجابة للحاجات الشخصية
للمتعلمين المتمثلة فيما يلي:
– الثقة
بالنفس والتفتح على الغير؛
– الاستقلالية
في التفكير والممارسة؛
– التفاعل
الإيجابي مع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته؛
– التحلي بروح
المسؤولية والانضباط؛
– ممارسة المواطنة
والديموقراطية؛
– إعمال
العقل واعتماد الفكر النقدي؛
– الإنتاجية
والمردودية؛
– تثمين
العمل والاجتهاد والمثابرة؛
– المبادرة
والابتكار والإبداع؛
– التنافسية
الإيجابية؛
– الوعي
بالزمن والوقت كقيمة أساسية في
المدرسة وفي الحياة؛
– احترام البيئة
الطبيعية والتعامل الإيجابي مع الثقافة الشعبية والموروث
الثقافي والحضاري المغربي.
وتوجهات في مجال تنمية وتطوير الكفايات
وتنميتها وتطويرها على الوجه اللائق عند المتعلم، يتعين مقاربتها من منظور شمولي
لمكوناتها، ومراعاة التدرج البيداغوجي في برمجتها، ووضع استراتيجيات اكتسابها. ومن الكفايات الممكن بناؤها في إطار تنفيذ مناهج
التربية والتكوين:
– المرتبطة
بتنمية الذات، والتي تستهدف تنمية شخصية المتعلم كغاية في ذاته،
وكفاعل إيجابي تنتظر منه المساهمة الفاعلة في الارتقاء بمجتمعه في كل المجالات؛
– القابلة
للاستثمار في التحول الاجتماعي، والتي
تجعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجات التنمية المجتمعية بكل أبعادها الروحية
والفكرية والمادية؛
– القابلة للتصريف في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، والتي تجعل نظام التربية والتكوين يستجيب لحاجات
الاندماج في القطاعات المنتجة ولمتطلبات التنمية الاقتصادية والإجتماعية.
وتوجهات في مجال المضامين
والتكوين من القيام بوظائفه على الوجه الأكمل، تقتضي الضرورة اعتماد مضامين معينة
وفق اختيارات وتوجهات محددة، وتنظيمها داخل كل سلك ومن سلك لآخر بما يخدم
المواصفات المحددة للمتعلم في نهاية كل سلك.
وتتمثل هذه الاختيارات والتوجهات فيما يلي:
– الانطلاق من اعتبار المعرفة إنتاجا وموروثا بشريا
مشتركـا؛
– اعتبار المعرفة الخصوصية جزءا لا
يتجزأ من المعرفة الكونية؛
– اعتماد مقاربة شمولية عند تناول الانتاجات المعرفية
الوطنية، في علاقتها بالانتاجات الكونية مع
الحفاظ على ثوابتنا الأساسية؛
– اعتبار غنى وتنوع الثقافة الوطنية والثقافات المحلية
والشعبية كروافد للمعرفة؛
– الاهتمام بالبعد المحلي والبعد
الوطني للمضامين وبمختلف
التعابير الفنية والثقافية؛
– اعتماد مبدإ التكامل والتنسيق بين مختلف أنواع المعارف
وأشكال التعبير؛
– اعتماد مبدإ الاستمرارية والتدرج في عرض المعارف
الأساسية عبر الأسلاك التعليمية؛
– تجاوز التراكم الكمي للمضامين المعرفية المختلفة عبر
المواد التعليمية؛
– استحضار البعد المنهجي والروح النقدية في تقديم محتويات
المواد؛
– العمل
علىاستثمار عطاء الفكر
الإنساني عامة لخدمة التكامل بين المجالات المعرفية؛
– الحرص على توفير حد أدنى من المضامين الأساسية المشتركة
لجميع المتعلمين في مختلف الأسلاك والشعب؛
– الاهتمام بالمضامين الفنية؛
– تنويع المقاربات وطرق تناول المعارف؛
– إحداث التوازن بين المعرفة في
حد ذاتها والمعرفة الوظيفية.
وتوجهات في مجال تنظيم الدراسة
للارتقاء بجودة الفعل البيداغوجي من خلال الرفع من فعالية التدريس ومن جدوى التعلم
ومواءمة الفضاءات التربوية لهما اعتماد مبدإ التدرج من سلك إلى آخر بما يضمن:
الابتدائي المرونة في تنظيم الحصص الدراسية وتكييف مضامينها مع حاجات المتعلمين
بالأساس ومع متطلبات البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المباشرة؛
تنظيم في دورات دراسية نصف سنوية من جهة والانتقال من برامج مبنية على مواد دراسية
كلها إجبارية في السلك الإعدادي إلى برامج مبنية على مجزوءات معظمها إجباري وبعضها
اختياري.
المستجدات المراد إدخالها على مختلف الأسلاك التعليمية ما يلي:
– تنظيم كل سنة دراسية في دورتين من سبعة عشر أسبوعا على
الأقل، أي ما مجموعه ست دورات في السلك التأهيلي بما فيها الدورة المخصصة للجذع
المشترك، وست دورات في السلك الإعدادي واثني عشر دورة في التعليم الابتدائي؛
– إعطاء نفس الأهمية ونفس الغلاف الزمني لكل المجزوءات
كيفما كانت المادة الدراسية التي تنتمي إليها، بما يسمح بإمكانية معادلة مجزوءات
المواد المتآخية أثناء الانتقال من قطب إلى آخر في السلك التأهيلي من جهة، وباعتماد المجزوءات التي
كانت موضوع تعلم ذاتي في إطار مشاريع مؤطرة من طرف الأساتذة من جهة أخرى؛
– اعتماد حلول تربوية تسمح بالعمل بإيقاعات متفاوتة تناسب
مستوى المتعلمين ووتيرة التعلم لديهم بما يفيد في الرفع من المردود الداخلي
للمؤسسة وفي ترشيد استعمال البنيات التحتية والتجهيزات التعليمية؛
– إدراج الغلاف الزمني الخاص بالتقييم التكويني الملازم
للتعلم والمرتبط عضويا بالاستدراك في إطار بيداغوجية التمكن ضمن الغلاف المخصص لكل
مجزوءة في السلك التأهيلي ولكل مادة في السلك الإعدادي وفي التعليم الابتدائي؛
– تخصيص مجالات زمنية
للأنشطة الثقافية والفنية ضمن الحصة الأسبوعية.
لمؤسسات التعليم الابتدائي، يتعين أن تراعى في تنظيم الدراسة بها:
– الملاءمة مع المحيط
الاجتماعي الاقتصادي والثقافي؛
– المرونة في تنظيم الحصص
الدراسية والعطل؛
– العمل
بالدعم البيداغوجي المنتظم الكفيل بترسيخ المكتسبات، والضامن للرفع من نسبة
التدفق.
مباشرة قبل التعليم العالي ويهيئ له، ونظرا لكون هذا الأخير يعتمد مقاربة البرامج
المبنية على المضامين والتخصصات أساسا، واعتبارا لسن متعلمين السلك
التأهيلي، وتوخيا للاستجابة لميولاتهم واتجاهاتهم من خلال تربيتهم على الاختيار،
تنظم الدراسة، بعد الجذع المشترك، في الأقطـاب الدراسية التالية:
– قطب التعليم الأصيل؛
– قطب الآداب والإنسانيات؛
– قطب الفنون؛
– قطب العلوم؛
– قطب التكنولوجيات.
الأقطاب الدراسية في السلك التأهيلي بما يفيد تربية المتعلمين على الاختيار، ينظم
كل قطب في مكونين:
الارتباط العضوي بطبيعة القطب، والمجزوءات المكملة لها؛
اختياري تندرج فيه المجزوءات ذات
الارتباط بمجزوءات المكون الإجباري، أو التي تساعد المتعلم على الاستدراك أو على
تيسير المرور من قطب إلى آخر عبر الجسـور، أو على تهييئ ولوج مؤسسات التعليم العالي.
المجتمع بمواطنين مؤهلين للبناء المتواصل للوطن على جميع المستويات،
تقتضي الضرورة إكساب المتعلمين الكفايات الملائمة وإتاحة الفرص وبنفس الحظوظ،
لجميع بنات وأبناء المغرب، وتشجيع المتفوقين منهم دون تمييز. لذا ينبغي أن تصاغ
مناهج التربية والتكوين بشكل يجعلهـا:
–
تشتمل مختلف المجالات الوجدانية والاجتماعية
والحسية الحركية والمعرفية لشخصية المتعلم في مختلف الأسلاك
التعليمية؛
– تنفذ في فضاءات تربوية متنوعة داخل القسم والمؤسسة
التعليمية وخارجها، بواسطة وضعيات ديداكتيكية مناسبة لكل فضاء.
على المؤهلات والميول الحقيقية والموضوعية للمتعلم، وعلى
حاجات مختلف قطاعات الشغل ومواصفات ولوج المسالك المختلفة للتعليم العالي.
المتعلمين أخذ مواصفات ولوج مؤسساته بعين الاعتبار، ومعرفة برامجه والآفاق التي
تفتحها ارتباطا بتكوين الأطر المتوسطة والعليا للبلاد في مختلف المجالات الاجتماعية
والاقتصادية والثقافية والفنية،
وبتطور البحث العلمي في حقوله المتنوعة.
الشغل، فيجب أثناء صياغة مناهج التربية والتكوين في الإعدادي والتأهيلي، مراعاة
المواصفات المطلوبة للالتحاق بتلك المؤسسات، لتلبية حاجات ومتطلبات التنمية
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ويجب أن تغطي هذه المواصفات كل المجالات
المذكورة، وتوفر الحد الأدنى من الكفايات الضرورية لولوج المهن التقنية المتوسطة
والعليا في مختلف القطاعات الصناعية والفلاحية والتجارية والخدماتية.
ضرورة التكوين ونوعية مساره تفرضان تحديد الأولويات بالنسبة للكفايات في كل مستوى
من المستويات التعليمية.
التعليم الابتدائي يتم التركيز، وبالترتيب، على الجوانب التواصلية (بما
فيها المعلوماتية)، والاستراتيجية والمنهجية، والثقافية، والتكنولوجية، وذلك
حتى يتسنى بلوغ مستوى التمكن من المكون اللغوي التواصلي، ومستوى التمكن من الجوانب
الأساسية المنهجية والاستراتيجية،
ومستوى التمكن من الجوانب الثقافية من خلال رصيد معرفي وثقافي يمكن المتعلم من
الاندماج في بيئته. ويدخل ذلك كله في إطار الحفاظ على مكتسبات المتعلم في التعليم
الابتدائي وتحصينها، خاصة بالنسبة لمن بلغوا سن نهاية التعليم الإجباري.
السلك الإعدادي، يستمر التركيز على الجوانب التواصلية في مستوى متقدم من
التمكن، وعلى الجوانب المنهجية والاستراتيجية والثقافية. وتعطى
الجوانب التكنولوجية أهمية أكثر من ذي قبل للإعداد للتعليم التأهيلي، أو لمؤسسات التكوين المهني،
أو لولوج
الحياة العامة لمن سينقطعون عن الدراسة من المتعلمين في نهاية السلك الإعدادي.
في السلك التأهيلي، فيخصص الجذع المشترك لاستكمال مكونات الكفايات
التواصلية والمنهجية والثقافية،
وتعطى بعد ذلك الأولوية للاستراتيجية والتكنولوجية، مع الاستمرار في تنمية وتطوير المنهجية والثقافية
والتواصلية بما يفيد في تحقيق مواصفات التخرج من مختلف الأقطاب الدراسية.
عليه، تتحدد مواصفات المتعلمين في نهاية كل سلك من الأسلاك التعليمية انطلاقا من:
في مجال القيم الإسلامية والحضارية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان؛
للتعليم الأولي والابتدائي والسلك الإعدادي، يعتمـد في تحديد مواصفات المتعلمين
عند نهاية هذه الأسلاك، بالإضافة إلى ما سبق، على الأهداف التي خص بها الميثاق
الوطني للتربية والتكوين هذه الأسلاك.
بالنسبة للسلك التأهيلي، فإن تحديد مواصفات المتخرج حسب كل قطب من الأقطاب
المذكورة سابقا، يتم بالاعتماد أساسا على:
– ترتيب
الكفايات المراد تنميتها وتطويرها لدى المتعلم حسب الأولوية الخاصة بالسلك،
والمعتمدة في تحديد المجزوءات الإجبارية بصنفيها المذكورين أعلاه؛
– تحقيق مستوى التحول الفعلي المنتظر
لدى المتعلم في مجال استدماج القيـم، وفي اكتساب مختلف الكفايات؛
–
مدى
قدرة المتعلم على إعداد مشروعه الشخصي لولوج التعليم العالي، وللاندماج في
المجتمـع.
المناهج التربوية وبرامج تكوين الأطر التربوية المتدخلة في تنفيذها مفتوحة وقابلة
للمراجعة المستمرة حتى تستوعب كل ما يستجد على صعيد المعرفة، وتستجيب لمتطلبات
الواقع بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتساهم في تطويره.
يتحقق التكامل بين مختلف أسلاك التعليم من الابتدائي إلى التعليم العالي، ضمانا
لتكوين منسجم ومتجانس، يتعين الحرص على تنسيق دقيق ومستمر على مستوى العلاقة بين
المناهج التربوية وبرامج مختلف مسالك التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي،
وذلك بأن يجد كل مسلك من مسالك التعليم الثانوي امتدادا واحدا على الأقل في
التعليم العالي، وبأن يجد كل مسلك من مسالك التعليم العالي دعامة له في المناهج
التربوية للتعليم الثانوي. ومن شأن هذا التنسيق أن يضمن لمتعلم التعليم الثانوي
إعدادا جيدا ييسر له متابعة دراساته العليا، و يهيئه للانخراط الإيجابي في الحياة.
الأسلاك التعليمية ومسالكها وانسجاما مع مقتضيات إصلاح نظام التربية والتعليم، لا
بد من إرساء آلية للتنسيق تعمل في اتجاه تحقيق التكامل في مجال المناهج التربوية
ومناهج الدراسات الجامعية وبرامج تكوين الأطر.